Page 1 of 1

هل نلتزم بمعايير الجودة الوطنية أو العالمية أو كليهما؟

Posted: Tue Jan 27, 2015 3:56 pm
by Al-Wahedi
هل نلتزم بمعايير الجودة الوطنية أو العالمية أو كليهما؟

ترجمة: هاشم كاطع لازم – أستاذ مساعد (لغة أنكليزية وترجمة) hashim_lazim@yahoo.com
بقلم: كارين ماكريكر Karen MacGregor

شهد المؤتمر السنوي لمجلس (مجموعة الجودة العالمية الخاصة بالأعتراف في مجال التعليم العالي CIQG الذي عقد في واشنطن في كانون الثاني 2014 تحت شعار (حقائق ملحة حول ضمان المعايير الدولية والأبتكار) نقاشات هامة حول موضوع الحاجة الى مجموعة واحدة من معايير الجودة التي تتناسب مع عالم التعليم العالي المتغير بسرعة كبيرة. وشهد الأجتماع بعض الأجماع حول تطوير معايير عالمية قادرة على التناغم مع نظم الجودة الوطنية القوية. وقد أوجز السيد بيتر أوكيبوكولا Peter Okebukola رئيس شبكة الجامعة العالمية للأبتكار في أفريقيا وعضو المجلس الأستشاري لمجموعة الجودة الدولية الخاصة بالأعتراف في مجال التعليم العالي الحوارات التي جرت بالآتي:(علينا أن نتيقن من أن نظام التعليم العالي في أطار عملياته ومخرجاته يعكس تطلعات الناس والسياق الأجتماعي – الثقافي الذي يخدمه النظام ، وفي الوقت نفسه الأعتراف بتنامي التعليم العالي سواء كانت المعايير وطنية أو أقليمية أو دولية مركبة).
وقد حضر المؤتمر المذكور نحو 400 شخصية من 30 بلدا منهم قادة ومهنيون وباحثون
من مؤسسات التعليم العالي وهيئات ضمان الجودة المحلية والأقليمية والعالمية وكبار الموظفين الحكوميين وصناع القرار وعدد من الطلبة.
وقد أنعقد أول مؤتمر لمجموعة الجودة الدولية CIQG في شهر أيلول من عام 2012 بهدف تعزيز فهم قضايا الجودة العالمية كما أنه غدى منتدى للجامعات والكليات والأعتراف الأكاديمي وهيئات ضمان الجودة. وأنضم الى المؤتمر نحو 100 مؤسسة أكاديمية من حول العالم.

ظروف متغيرة

أستهل أجتماع عام 2004 بالأشارة الى أن التعليم العالي وضمان الجودة أخذا الصفة العالمية بشكل متزايد وأرتبط بذلك الحاجة الى مجموعة من المعايير العالمية أو أن ضمان الجودة مسألة ينبغي أن تظل أقليمية أو ضمن أطار البلد الواحد.
وفي أطار الحوارات التي شهدها المؤتمر أشار السيد ستامينكا يوفاليك – ترومبيك Stamenka Uvalic-Trumbic كبير مستشاري الشؤون الدولية لمجلس الأعتراف الأكاديمي المعروف ب CHEAوالرئيس السابق للتعليم العالي في اليونسكو، الى أن التعليم العالي بدأ يشهد بروز أشكال جديدة فهناك في الواقع أنفجار في التعليم العالي وأنطلاقته خارج أطار الحدود الوطنية وبروز تقنيات جديدة وحركة الطلبة والأساتذة والعمل من بلد لآخر وظهور أنماط معرفية ومهارات جديدة في أطار عالم يسوده الأندماج بشكل متزايد.
ومع تزايد تأثير التصنيفات الجامعية الدولية بدأ يرز خطر مفاده أن مثل تلك التصنيفات بدأت تحل محل الجودة في وقت يشهد فيه العالم ضغوطا من جانب الطلبة وأولياء امورهم حول ضرورة توفر القرائن عن تلك المعايير الأكاديمية.
من جانبها أشارت رئيسة مجلس الأعتراف الأكاديمي CHEA جوديث أيتن Judith Eaton الى أن مجموعة الجودة الدولية قد حددت مسألتين ملحتين هما المعايير الدولية والأبتكار التي كان لزاما على هيئات ضمان الجودة التعاطي معها، وعلى ضوئها كان يتم قياس مصداقيتهم وقيمهم واسهاماتهم وأشارت الى أن (مثل هذا التحدي الذي نواجهه يختلف من بلد لآخر ومن مكان لآخر لكن التحدي قائم وأن رد فعلنا حيال ذلك سوف يترك آثاره ليس على بعض النشاطات فحسب أنما يمتد الأمر الى أساسيات ممارساتنا). وأشارت أيتن الى الكثير من الجدل حول التصنيفات وأنه كان يتعين علينا أن ننظر بعين الأعتبار الى أمكانية وجود نوع من الألتقاء والقبول للنشاطات الجارية بشأن التصنيفات ومسألة المعايير العالمية. وفي مجال الأبتكار والأبداع بدأ المزيد من الطلبة يحصلون على بعض الخبرات في مجال التعليم العالي خارج الجامعات والكليات التقليدية أو مايمكن أن نسميه بالتعليم (مابعد التقليدي) post-traditional أو (خارج المؤسسة) extra-institutional أو (غير التقليدي) non-traditional. وأضافت (الشيء الجوهري هنا هو ماذا لوتوجه الكثير من الطلبة لأكتساب نوع من الخبرات في مجال التعليم العالي ليس في الحصول على شهادة محددة فحسب وأن يتم أكتساب مثل تلك الخبرات بعيدا عن الجامعات أو الكليات التقليدية؟ وماذا بشأن جودة مثل تلك العروض؟ هل نتحمل نحن المسؤولون عن ضمان الجودة أية مسؤولية في هذا الشأن أم لانتحمل؟ وماهي؟).
وذكر السيد يوفالك-ترومبيك بأن المنظمات مثل اليونسكو عمدت منذ فترة الى تطوير معايير وأدوات تهدف الى الوصول الى أجماع حول الجودة من شأنه دعم التحسينات في التعليم العالي أولا ومن ثم التنمية. ومن أمثلة ذلك (مؤتمر لشبونة الخاص بالأعتراف بالشهادات العلمية) و (ومؤتمر أروشا الخاص بالأعتراف بالمؤهلات في التعليم العالي) و (أرشادات اليونسكو ومنظمة التعاون والتنمية الأقتصادية OECD حول التعليم العالي عبر الحدود) و (أرشادات المصادر التعليمية المفتوحة).
وقال يوفاك-ترومبيك أن التحدي الناجم عن تبني مثل هذه الأدوات يتمثل في جمع المناهج التنازلية والتصاعدية بالشكل الذي يضمن القبول المحلي والدولي.

الحوارات

من جانبه أشار كل من أنطوني ماكلاران Anthony McLaran المدير التنفيذي لوكالة ضمان الجودة للتعليم العالي في المملكة المتحدة وأندري سورسوك Andree Sursock كبير المستشارين لرابطة الجامعات الأوربية الى أيجابيات وجود مجموعة موحدة من معايير الجودة العالمية وسلبياتها. ونوه ماكلاران الى قضية عدم وجود تعريف دقيق للجودة وكذلك طبيعة ضمان الجودة المبالغ في محليتها قبل تدارس المعايير العالمية.
على أن معايير الجودة العالمية لاتتعارض بالضرورة مع المعايير الوطنية ، فعلى سبيل المثال لكل بلد من البلدان الأربعة التي تكون المملكة المتحدة سياسته الخاصة به في مجال التعليم العالي. والى جانب تلك الأنظمة المنفردة يوجد أطار ضمان جودة وطني لجمع تلك الأنظمة الأربعة معا الأمر الذي ينعكس أيجابيا على الطلبة الذين يصبح بأمكانهم التحرك من بلد لآخر لأنهم على يقين من أنهم يدرسون ضمن أطار جودة واحد.
أضف الى ذلك حظيت فكرة معايير الجودة العالمية بالأهتمام وحققت الكثيرمن الجماعات الأقليمية الأخرى العابرة للحدود مستويات مختلفة في مجال ترسيخ المعايير مما يدلل على تقبلها لمثل هذه الفكرة. ولاشك أن مثل هذه التطورات تحقق فوائد جمة أولها أن البلدان التي تقوم بتطوير نظم الجودة يمكن أن تستفيد من خلال القياس المرجعي benchmarking من أفضل الممارسات في أماكن أخرى. ومثل هذا الأمر يمكن أن يزرع الثقة في نظم الجودة الوطنية وبذا يمكن أن تكون المعايير العالمية بمثابة محفز لحركة الطلبة. والثاني أن مجموعة موحدة من معايير الجودة سوف تسهل من عملية أجراء المقارنات الدولية وتجعلها أكثر تأثيرا نظرا لتوفر المعايير والمؤشرات المشتركة التي يمكن قياس الأداء من خلالها. وثالثا تؤدي المعايير العالمية الى تسهيل التعليم عبر الحدود الوطنية وتعزز التعاون كثيرا بين مؤسسات التعليم العالي في العالم مع تيقن الطلبة من الجودة والشهادات المتناظرة وحركة الشهادات. ورابعا يتوقع ظهور سوق عالمي لخدمات ضمان الجودة بدعم من المعايير العالمية التي يتم تطويرها من خلال الأجماع. والفائدة الأخرى تكمن في أستحداث لائحة لضمان الجودة العالمية. وأخيرا بمقدور معايير الجودة العالمية أن تؤدي الى تطوير أنظمة تعليم عالي وألأعتراف بالتميز والتأكد أيضا من أن الأنظمة الأضعف يمكن تقييمها بشكل أكثر موضوعية في المقارنات الدولية استنادا الى المعايير المشتركة.
وتطرق أندريه سورسوك الى الوضوح المفاهيمي حيث نوه الى عدم وضوح الرؤيا في الجدال المطروح حيث طرح التساؤل الآتي: هل جرى النقاش حول ضمان الجودة أو جودة التعليم العالي؟ مانمط العمليات ونوعها التي يمكن تحديد معايير الجودة العالمية في أطارها؟ وأضاف (تتصف مثل هذه الأسئلة في الأطر الوطنية بكونها شائكة ومشاكسة، أما على المستوى الدولي فلامجال لتقرير مثل ذلك الأمر ولاأعرف من يمتلك الشرعية ليستنبط مجموعة من المعايير عالميا). وقال سورسوك أن تطوير المعايير العالمية وقبولها لايحل المشكلة حيث يصعب تماما تغييرها وأنها بذلك سوف تؤدي الى خنق الأبداع والتغيير في مجال التعليم العالي.
وفي ضوء الجدالات التي دارت في المؤتمر طرحت مفردتان أساسيتان هما الجودة quality والمعايير standards اللتان لم يتم تعريفهما بشكل واف ودقيق فقد أشار تعريف أورده أحد القواميس الى أن المعيار شيء ترسم معالمه سلطة ما فضلا عن العادات والقبول (ولأنني أختصاصي بعلم الأنثروبولوجيا أرى بأن مثل هذا التعريف مقبول تماما من منظوري. وأذا دققنا بالأمثلة عن أنظمة ضمان الجودة الوطنية فأننا نلاحظ أن الأنظمة الناجحة حظيت بقبول المؤسسات وصناع القرار لآنها تبلورت بعد نقاشات مستفيضة).
على أنه من المستبعد ضمان قبول عالمي لمعايير الجودة العالمية أما السعي لتطوير معايير عالمية تفتقر الى الشرعية فأمر لايستحق الجهد المبذول لتحقيقه. في هذا الخصوص يبرز خطر مفاده أن أنظمة التعليم العالي في ضوء الجهود المبذولة لتقبل المعايير العالمية يمكن أن تصبح أقل صلة بالأحتياجات الأجتماعية-الثقافية للجماعات المحلية وبذلك تغدو الأحتياجات المحلية ناقصة.
وأذا تم تبني مفهوم المعايير العالمية فأن الحاجة لابد أن تبرز لأطار جودة شامل يصف أفضل الممارسات أو القدرات التي تتيح للمؤسسات والبلدان المرونة الكافية لتكييف المعايير لتناسب أحتياجاتها المحلية.

أستنتاجات

تطرق بيتر أوكيبوكولا الى حصول (نوع من الأجماع حول ضرورة امتلاكنا أنظمة ضمان جودة وطنية قوية مع تشجيع معايير الجودة العالمية المرنة التي تمتلك تراتبية لمجالات القبول ضمن أطار التميز). أن تطوير أنظمة جودة عالمية كما هو الحال في أوربا وآسيا قد زرع الأمل بأن المعايير العالمية يمكن أن تقدم الدعم للجودة في التعليم العالي غير أن وجود مجموعة متجانسة من المعايير تتطلب الأجماع وأنها تتطلب ايضا أدراك تفرد مختلف الأقطار والمؤسسات وأن عليها أن تتحاشى معايير التميز ذاتها لسائر المؤسسات ، وهذا (تحد يتعين على وكالات ضمان الجودة التعاطي معه في السنوات القادمة).

http://www.universityworldnews.com/arti ... 1114435506