المرحوم الاستاذ الدكتور محمود الجليلي

A forum for posting News and any other Education-related activities.

Moderator: Al-Wahedi

Post Reply
Al-Wahedi
Site Admin
Posts: 297
Joined: Fri Nov 26, 2004 2:24 pm
Contact:

المرحوم الاستاذ الدكتور محمود الجليلي

Post by Al-Wahedi »

المرحوم الاستاذ الدكتور محمود الجليلي


وادخلي جنتيʘ فادخلي في عبادي ʘ ارجعي الى ربك راضية مرضية ʘ"ياأيتها النفس المطمئنة ʘ

فقد العراق والامة العربية والموصل الحدباء علماً من أعلام الطب والعلم والثقافة والمبدأ الثابت، هو العلامة الطبيب والمعلم الاستاذ الدكتور محمود الجليلي رحمه الله وأحسن اليه.

لقد كتب العديد من أساتذتنا وزملائنا مايليق بصاحب الذكر الحسن المرحوم الاستاذ الدكتور الجليلي "وإنما المرء حديث بعده فكن حديثا حسنا لمن روى"، ونشروا بالتفصيل مسيرة حياته العلمية والاجتماعية الفريدة.

ولقد لخص موقع المجمع العلمي العراقي مسيرته حيث ذكر بأنه دخل كلية الطب ببغداد في عام 1937 وتخرج فيها بدرجة بكالوريوس طب وجراحة عام 1943. نال من جامعة القاهرة دبلوم الدراسات العليا في الامراض الباطنية عام 1945 ومن جامعة لندن عام 1946. ثم التحق بجامعة هارفرد وحصل على ماجستير علوم بالطب الباطني عام 1954. في العام 1946 عين طبيبا في المستشفى الحكومي ومن ثم استاذا مساعدا في كلية الطب عام 1953 واصبح مديرا لمعهد البحوث الطبية عام 1956 فاستاذا في كلية الطب بجامعة بغداد عام 1961 ورئيس دائرة الطب وقسم الطب بجامعة بغداد عام 1963-1967 ورئيس جامعة الموصل عام 1967.
اختير عضوا عاملا في المجمع العلمي العراقي عام 1963-1996 ونائب الرئيس الاول 1979. وهو عضو مراسل في مجمع اللغة العربية في القاهرة منذ عام 1970 وهو عضو مراسل في مجمع اللغة العربية بدمشق وعضو مؤازر في مجمع اللغة العربية الاردني وزميل كلية الاطباء الملكية بلندن وعضو فيها منذ عام 1946 وعضو مجلس جامعة بغداد عام 1963-1967. وعضو المجلس الاعلى للبحوث العلمية 1946-1967 وعضو اتحاد الاطباء العرب في القاهرة. نشرت اكثر بحوثه ودراساته في دوريات عالمية مختصة وفي مجلة المجمع العلمي العراقي وبعض المجلات العربية.

في كلية الطب تبدأ مرحلة الدراسة السريرية في الصف الرابع وتستمر حتى الصف السادس حيث التخرج. وهناك تعرفنا على جل أساتذتنا في كافة الاختصاصات إما مباشرة أو بالسماع عنهم. وكان للمرحوم الاستاذ الجليلي وقع خاص لدى الطلبة حيث كان الاستاذ العالم المهيب المتفاني الدؤوب الذي أعطى كل وقته للتعليم والعمل. كان شديد المراس لايثنيه عما يؤمن به، وكان يمنح جل جهده ووقته للكلية والمستشفى ولم يأبه كثيرا بالعيادة الخاصة.

كان لي الشرف أن يكون الجليلي رئيس لجنة امتحاني في الطب الباطني في نهاية الصف السادس. وبالرغم ما عرف عنه بالصرامة والشدة فقد أثبت خلال تلك اللحظات العصيبة التي يمر بها الطالب بأنه ذلك المربي الفذ اللين العريكة المريح للنفس. ولله الحمد كنت عند حسن تقديره وتخرجت الاول على دفعتي في الكلية.

وعند تعييني عام 1968 في المستشفى الجمهوري كمقيم سنة أولى تسنمت مسؤولية الردهة السادسة بسبب قلة المقيمين الاقدمين في تلك الفترة حيث استلمت وجبتنا من المقيمين الدوريين المسؤولية كاملة في مختلف الردهات بدون مقيم أقدم، وهذه حالة غير معهودة. كان الاستاذ الجليلي هو المسؤول عن الردهة السادسة وشاركه فيها الاستاذ الدكتور المرحوم زهير قصير ومن بعد ذلك التحق الدكتور قيس الملي. عند مباشرتي حاولت أن "أجدد" في تنظيم غرفة الطبيب المقيم على يسار مدخل الردهة. كانت إحدى زوايا الغرفة مكدسة بملفات وعلب لم يدخلها النور لسنوات عديدة كما تبدو في حينها. وعند القيام بتفريغ الرفوف شاهدت ما بهرني ولحد الان. كانت هناك على الرفوف العشرات من القناني الصغيرة بحجم 30 مليلتر محكمة الغطاء وتحوي سائل الفورمالين تسبح داخلها أكباد فئران مختبرية. كانت تلك بقايا البحوث التي قام بها الاستاذ محمود الجليلي في الاربعينات من القرن، كما صرح بها الاستاذ زهير قصير. لقد كان رحمه الله مولعا بالبحث في أسرار تشمع الكبد. لقد بهرني هنا الاستاذ محمود كباحث حيث ان القيام بالبحوث المختبرية من قبل استاذ الطب السريري في ذلك الوقت شئ غير متعارف عليه وطريق لايسلكه الكثير من الاطباء. واحنيت رأسي أمام هذا المربي والرائد وعرفت حينئذ بأن الربط بين العمل السريري والبحث المختبري ممكن ومهم.

مما يذكر بالعرفان للأستاذ المرحوم الجليلي أسلوب تدريسه المتميز النظري والعملي وكذا تنظيمه ومتابعته للبرنامج التعليمي لطلبة المراحل السريرية حيث استحدث برنامج الحلقات النقاشية للطلبة فوزع الطلبة على مجاميع لكل مجموعة استاذا يشرف عليهم من قسم الباطنية ووفق جدول منظم حيث يبدأ البرنامج صباحا وفي تمام الساعة الثامنة ولمدة ساعة واحدة. وترى الجليلي وكأنه في الميدان العسكري وبكل حرص وتفان يتفقد كل المجاميع والويل لمن لم يحضر من الطلبة "والاساتذة"! وقد كان هذا البرنامج رديفا مهما جدا للتدريس النظري والسريري. كنت مرة قرب الهاتف حينما اتصل بأستاذ تأخر عن الحضور مما عجل بحضوره وبقي ينتظره لحين حضوره!

ترأس المرحوم الجليلي قسم الطب لسنوات عديدة فكان الساهر على مصلحة الطلبة والمرضى والكلية على حد سواء، وغادر كلية طب بغداد حين استلم مسؤولية جامعة الموصل الفتية عام 1967 والتي رعاها وساهم في جعلها منارا للعلم في عراقنا العزيز.

لقد كان متفانيا في تطبيق النظام بدرجة لالين فيها مما يؤجج بعض النفوس أحيانا. وتكمن قوته هنا أنه لايتوخى من ذلك أية مصلحة شخصية وكسب ذاتي. كان رحمه الله مثلا أعلى في سبيل خدمة المرضى وإرساء أصول المهنة وعدم التفريط بالوقت والجهد إلا بما يفيد.

وبالرغم من مشاغله والتزاماته السريرية وإدارة قسم الباطنية ورئاسة جامعة الموصل وغير ذلك من المسؤوليات والنشاطات، كانت له الرغبة والقدرة على الولوج في بحور العلم الاخرى خارج الطب السريري. فتراه رائدا في تاريخ الطب العربي الاسلامي فبحث وكتب الكثير عن ذلك. وحمل مشعل التعريب واستحداث معجم طبي موحد للوطن العربي فساهم مع الاساتذة الرواد الاخرين د. جميل عانوتي (لبنان)، ود. حسني سبح (سوريا)، د. سعيد شعبان (الجزائر)، ود. الصدّيق الجدي (تونس)، ود. عادل حسين لطفي (مصر)، د. عبداللطيف البدري (العراق)، د. عبداللطيف بنشقرون (المغرب)، د. محمد أحمد سليمان (مصر)، د. محمد هيثم الخياط (سوريا)، د. مروان المحاسني (سوريا)، و د. أحمد عبد الستار الجواري، في تأليف المعجم الطبي الموحد الذي تبنته منظمة الصحة العالمية في القاهرة. وكذلك وبفضل جهوده الخيرة تم إصدار الطبعة الثانية للمعجم في جامعته؛ جامعة الموصل عام 1978.

في العام 2010 زرت لندن واتفقت مع الأخ الفاضل الاستاذ الدكتور اسماعيل الجليلي أن أزور الاستاذ محمود في الفندق الذي كان يقيم فيه حينما كان في زيارة الى لندن. ومما يؤسفي ويؤلمني شخصيا هو عدم قدرتي على اللقاء به حينما حالت دون ذلك ظروف قاهرة. ولكن مايخفف ذلك أني تحدثت معه على الهاتف وأبديت له مايجب من العرفان والتبجيل.

رحم الله أستاذنا الجليل، الجليلي، الذي أفنى حياته في العمل على رفعة شأن الطب في عراقنا والوطن العربي وساهم مساهمة رائدة في إرساء الخلق الطبي وآمن برعاية لغة القرآن واستثمار ثرائها في لغة الطب وأعطى مثلا صالحا في الايثار ونكران الذات والتفاني في أداء الواجب الذي تجاوزه كثيرا لتقديم الاكثر والافضل.

ستبقى ذكراه منارا للأجيال القادمة وستبقى سيرته نبراسا تضيئ الدرب لمن يعمل على خدمة المبدأ والنفع العام ويتمثل فيه بصدق الحديث النبوي الشريف أن "خير الناس من نفع الناس".

أسكنه الله فسيح جناته وحشره راضيا مرضيا مع النبيين والصديقين وألهم ذويه وطلابه ومرضاه ومحبيه الصبر والسلوان

وإنا لله وإنا اليه راجعون

عبد الهادي الخليلي

واشنطن[*]
Al-Wahedi
Site Admin
Posts: 297
Joined: Fri Nov 26, 2004 2:24 pm
Contact:

Re: المرحوم الاستاذ الدكتور محمود الجليلي

Post by Al-Wahedi »

محمود الجليلي- الانسان والمعلم.
ذكريات

رحل عنا, قبل أيام, عَلم من أعلام الثقافة ورُسُول من رسل الانسانية في العراق, مُسدلا الستار على حقبة من ازدهار الطب في العراق, كان هو وقبله الاستاذ هاشم الوتري والاستاذ صائب شوكت, الابرز, من بين شخوصها. أسبغ على مواقعه, طبيب استشاري في المستشفى التعليمي واستاذ الطب الباطني ورنيس دائرة الطب في كلية طب بغداد وكلية طب الموصل ورئيس جامعة الموصل وعضو المجمع اللغوي العراقي, أسبغ الاستاذ الجليلي عليها جميعا رفعة, إذ شغلها.
إلتقيته اول مرة حال تخرجي, حين عرضت ان اعمل طبيبا مقيما, بدون أجر, لحين سوقنا الى دورة الاحتياط. قابلني ولم يسألني عن امكاناتي وطموحي بل ركز على ارضيتي وخاصة وبشكل ماهر(ماكر), على لقبي *العباسي* وما اذا كان ذلك انتماء الى العباس بن علي بن ابي طالب وهذا شرف لا أدّعيه, أم الى العباس بن عبد المطلب والى هذا انتسب. ولا اعتقد انه في النهاية قد عرف مني. وقد تأكد لي وقد عرفته عن كثب عندما عملت بمعيته بعد سنين انه يُعلق اهمية اكثر على ارضية دارس الطب في تقدير سلامة ممارسته لهذه المهنة.
وبعد ثورة تموز, ثورة المحرومين والمظلومين, نقلت من المفارز الطبية العسكرية حيث وسعتْ فعالياتي كل العراق, سهوله وجباله, نقلت الى مستشفى الرشيد العسكري ومنه للتدريب الى المستشفى الجمهوري تمهيدا لايفادي للتخصص في المعاهد البريطانية. وبعد ثلاثة اشهر من العمل مع الدكتور شوكت الدهان, أمهر طبيب قلبٍ التقيته في حياتي, نقلت الى وحدة الاستاذ الجليلي وقد حذرني كل مَنْ التقيته من ان الاستاذ الجليلي لا يمكن إرضاءه. ولكني سرعان ما لمست ان ذلك كان محض إفتراء. كان الرجل غاية في الادب وكرم الخلق ورعاية مَعيته. كان بتقاسم الردهة مع الدكتور انور جعفر الاوقاتي وكان هذا عالي الجناب كريم الخلق وقدير ايضا.

أذكر أمرا له دلالته: ان المرحوم الدكتور قنديل شاكر( الاستاذ في جامعة الاردن سابقا) الذي كان طبيبا مقيما, معي في نفس الردهة, فد اجرى تداخلا علاجيا بسيطا لم يكن لا زماً وبدى على المريض انه يعاني ألاما بسبب ذلك وسمعت الاستاذ الجليلي يلومه قائلا:
*ما ذا ساقول لربي غدا وهذا المريض يتألم بسببنا؟*. فهو (الاستاذ الجليلي) يعتبر نفسه مسئولا عما بقوم به معيته. ولعمري هكذا يكون الرئيس, أي رئيس.

كانوا يأخذون عليه انه يخرج عن *صُلب* الخلل المرضي الذي يناقشه مع الطلبة وكان بفعل هذا تماماً. كان ذلك بادراك منه ان تدريس الطب في مرحلة ما قبل التخرج هي مرحلة *التثقيف* وتسمى كذلك في برامج التعليم الطبي العالمية, فيها يتعلم الطالب أسس الطب ومفاهيمه وكيف ان علِة المريض, كي نفهمها, يلزم فهم المريض ككل( حياته, ظروفه معاشه,عمله الخ) الذي فيه نزلت تلك العلِّه وكذلك فهم المحيط الذي فيه ( وربما من جراءه) اصابت العلة ذاك المريض. اما إعداد الطبيب لكي بمارس عمله كطبيب فيكون في مرحلة مابعد التخرج, مرحلة *التلقين* مرحلة التدرج الطبي.

في اوائل عام 1960-1959 اصيب عدد كبيرجدا ( ومات كثير) من الفلاحين بالتسمم بمركبات الزئبق جراء تناولهم خبز الحنطة المعفرة بمركبات الزئبق (لحفضها من التعفن) وقد استوردت, أساسا, للزرع. أدخل المصابون الى مستشفيات عديدة على اساس انها حالات امراض وبائية فيروزية؟. وبالصدفة (والصدفة تحابي الذهنية المتوقدة , قال باستور) عرفتُ فورا, حقيقتها. كان الاستاذ الجليلي, آنذاك, يشارك في مواجهة موجة تسمم وقعت بمدينة اغادير, في المغرب بسبب, مزج زيت الطعام بزيت الطائرات المعدوم (بدوافع جنائية). موجة تسممٍ هنا وموجة تسمم هناك, وماذا في ذلك, ألسنا امة واحدة؟. وعند عودة الاستاذ محمود اعددنا, هو وأنا, مقالة علمية حول الموضوع, جاهزة للنشر. وهنا برز جانب من الإيثار وسمو النفس عند الاستاذ الجليلي, اذ قال لي : *دعنا نتريث حتى يَنشر ما بصدد كتابته كل من الدكتور شوكت الدهان والدكتور سالم الدملوجي أولا, لانهم بحاجة الى نشر شيىء كي يُرَقوَن الى درجة استاذ*. يقول هذا والباحثون في العالم يتنافسون (يتصارعون) فيمن يكون له السبق في النشر. وبعد ان نشر المشارُ اليهم بحوثهم في مجلة كلية طب بغداد وافق الاستاذ محمود ان آخد المقالة معي الى لندن
حيث ُنشرت كمقالة اصيلة في المجلة البريطانية للطب الصناعي عام 1961
واخذت منظمة الصحة العالمية عنها في توصياتها
بعد مرور حوالي 4 أشهر على إلتحاقي بوحدته, ابلغني الاستاذ محمود انه طلب الى جامعة بغداد مفاتحة وزارة الدفاع لنقلي من الجيش الى جامعة بغداد وإعدادي للتدرج في السلك الاكاديمي وفي الكتاب ما افخر به, صدرفي 1960.1.8 ولدي نسخة منه, إذ يبدوا ان الاستاذ الجليلي كان قد وضعني تحت المجهر خلال فترة عملي معه على قصرها. ولاول مرة قال لي *انا اعتبرك مثل اخي الصغير* لقد كان الطلب غريبا, ما حدث مثله لا من قبل ولا من بعد, ان يُطلب نقل طبيب عسكري دائمي حًَدث الى الجامعة. نوقش الامر في مجلس الكلية فاقترح البروفسور جونسون ان التحق ببعثة اختصاص كانت وزارة الدفاع قد رشحتني لها, ثم أنقل الى الجامعة بعد عودتي. وبعد عودتي عاود الاستاذ محمود جهوده وطلبت الجامعة من الجيش (بكتابها 1826 في 1964.5.11) نقل خدماتي للتدريس فيها وكنت برتبة مقدم. كانت موافقة وزارة الدفاع تبدو شبه مستحيلة إذ كيف يُفرط الجيش بالاختصائي بالطب الباطني وامراض القلب, الوحيد الذي لديه وبالدرجة العلمية التي حاولت ايفادات الجيش الحصول عليها منذ تأسيسه؟. ولكن الاستاذ محمود جعل النقل حقيقة ولم يحدث مثل هكذا طلب بعد ذلك ابدا. لم يفعل الرجل ذلك لسواد عيوني بل ان تجنيد كادر اكاديمي مناسب (حسب رايه), كان هَمْه الرئيس. وما ان صدر المرسوم الجمهوري بنقلي الى كلية طب بغداد حتى خرج الدكتور فرحان باقر والدكتور مهدي مرتضى على راس جمع من اطباء الجامعة يجمعون التواقيع لالغاء القرار, تماما كما كنت أراهم (نفسهم) عام 1959( وكنت طبيبا مقيما) يجمعون تواقيع انصار السلام. الاستاذ محمود كان يقول *لا يهمك. ما يطيقو يعملو شيء* لكنهم استطاعوا تنسيبي للتدريس في كلية طب الموصل وهو امر لم يقاومه الاستاذ الجليلي كثيرا. واعتقد انه رأى في ذلك سدّاً لبعض النقص في الكادر التدريسي في تلك الكلية التي كان يعمل جاهدا لدعمها. وفي الحال إستصدر امرا بتعيني معاونا للعميد اضافة الى موقعي التدريسي.
كانت الدورة الاولى من كلية طب الموصل في سنتها قبل التخرج وهنا ظهرت اشكالية, فالمستوى الدراسي لم يكن مرضيا للجامعة بسبب قلة الإمكانات التدريسية فنوقش عندها إقتراحان: واحد يقول بإلغاء الكلية وإلحاق طلبتها بكلية طب بغداد والثاني ان يؤجل الامتحان الى الدور الثاني لتدارك النقص في التدريب. الا ان الاستاذ الجليلي رأى ان يُجرى الامتحان في موعده مع كلية بغداد وبنفس الاسئلة ولجان إمتحانية مشتركة وهذا الذي كان. ثم كانت المفاجأة (المباغتة) فقد تفوقت كلية الموصل على كلية بغداد ولمّا يمُر على إلتحاق العميد الجديد الا اشهر قليلة فاستحق الشكر!!. لم يستطع الاستاذ الجليلي ان يبتلع النتيجة وجاء يحمل آلة حاسبة من النوع الذي كان يستعمل في محلات اورزدي باك وجلس في غرفتي يجمع درجات الطلبة في الفروع المختلفة ووجد اخطاء في الجمع لصالح بعض الطلاب وطلب تصويبها ولكن الامر لا يمكن ان يكون بهذه البساطة, فقدمت استقالتي ودون انتظار الجواب حزمت موجودات سكني وانتقلت الى بغداد. عرض علي رئيس الجامعة الدكتور الدوري( وقد استشف دوافع استقالتي) عرض علي موقع عميد كلية طب البصرة التي كانت مشروعا فاعتذرت. ثم نُصب الاستاذ الجليلي رئيسا لجامعة الموصل بعد ان صار لها شخصية مستقلة ولا شك ان جهوده هي التي اوصلت كلية طب الموصل الى الموقع المرموق الذي وصلته في زمانه
أذكر طريفة لها صلة: انه بعد عودتي من بعثة الاختصاص ذهبت لزيارته فوجدت انه ( الاستاذ الجليلي) قد عَيّن في وحدته طبيبا دُهشت لرؤيته في ذاك المكان فقلت للاستاذ الجليلي ماذا يفعل هذا في الوحدة الاكاديمية ( وحدة البروفسور الاقدم). فهم المراد وقال *هذا كان طفلا أبونو يجيبو معاه عندما ياتي عندنا في القبول ( (مجلس آل الجليلي الدوري, في الموصل) لم يقل لي هذا عائد من بريطانيا ويحمل كذا شهادة بل قال السبب الحقيقي للتعيين وانه يقيم للحقوق والتقاليد اعتبارها ولا يتجاوز القانون.

الاستاذ الجليلي من القلة القليلة ممن نالوا مرتبة الاستاذية مع وفرة من
حصلوا على لقب استاذ بسبب خطأ شاع في العراق, يعود الى الخلط بين *الأسطه* الذي قد يُبدع بما هو معروف و بين *الاستاذ* الذي يأتي بما هو غير معروف. ومن هذاالنمط الاخير كان استاذنا الجليل الجليلي, ما ذكرته لا يفي حقك على اجيال عرفت منك ومن سلوكك ان الاستاذية مرتبة وليست وظيفة ورحم الله الاستاذ الدكتور عبد الامير علاوي الذي قال غداة تعيينه وزيرا للصحة, قال: *ان أعلى ما وصلت إليه هو استاذ في جامعة* فإلى جنات الخلد ايها الجليل والمعلم الفاضل.
تلميذك عبد الحميد العباسي
Post Reply