Page 1 of 1

أخلاقيات البحث العلمي

Posted: Wed Mar 04, 2015 4:06 pm
by Al-Wahedi
أخلاقيات البحث العلمي

ترجمة: هاشم كاطع لازم – أستاذ مساعد (لغة أنكليزية وترجمة) – وزارة التعليم
العالي والبحث العلمي – العراق hashim_lazim@yahoo.com

شهد فهمنا لأخلاقيات البحث العلمي الأجتماعي التطبيقي تغييرا كبيرا للغاية فمنذ أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها الى بداية التسعينيات من القرن الماضي كان هناك أجماع متصاعد وتدريجي حول المباديء الأخلاقية الأساسية التي تشكل مرتكز البحث العلمي. ومن بين العوامل العديدة التي ساعدت على بلورة مثل هذا الأجماع يبرز حدثان مهمان يحملان رمزية لهذا الأجماع أولهما (محكمة نوريمبيرغ لجرائم الحرب) Nuremberg War Crimes Trial التي تشكلت بعد الحرب العالمية الثانية وكشفت عن قيام العلماء الألمان بأستخدام أسرى الحرب في تجارب رهيبة. وفي خمسينيات وستينيات القرن الماضي أوصت (دراسة تسكجي الخاصة بمرض الزهري) Tuskegee Syphilis Study بأيقاف علاج مرض الزهري الفعال الذي كان يعطى لمصابين أمريكيين من أصول أفريقية. وقد أدى الحدثان المذكوران وأحداث أخرى الى وجوب أعادة النظر بالمعايير الأخلاقية وتنامي أجماع تدريجي حول ضرورة توفير الحماية للبشر من خلال الحيلولة دون أستخدامهم بمثابة (حقل تجارب) guinea pigs في البحث العلمي.
على أن الوضع بدأ يتغير في التسعينيات من القرن الماضي فقد دخل المرضى المصابون بالسرطان والأشخاص الذين يحملون فايروس الأيدز AIDS في حرب مفتوحة مع مؤسسات البحوث الطبية حول الوقت الطويل المطلوب للحصول على موافقة لتناول العلاجات المحتملة لمثل تلك الأمراض القاتلة ومايقتضيه ذلك من بحث متكامل. وقد أدت المزاعم الأخلاقية التي شهدتها الثلاثين سنة الماضية في كثير من الحالات الى تحفيز هذه العقلية (التي تعمل ببطء). مع ذلك مانزال نفضل المخاطرة من خلال أيقاف العلاج لفترة محددة لحين توفر ضمان كاف لعلاج ما على المخاطرة في أحتمال التسبب بأيذاء الناس الأبرياء (مثلما حصل في حادثتي نوريمبيرغ وتسكجي). وفي الوقت الحاضربدأ أولئك الأشخاص الذين كانوا مهددين بأمراض قاتلة يطالبون المؤسسات البحثية برغبتهم في أن يكونوا حقل تجارب وأن حصل ذلك في ظل ظروف تجارب خطيرة للغاية.
ورغم أن أخلاقيات البحث العلمي في السنوات القليلة الماضية قد أتسمت بالأضطراب فأن أجماعا جديدا بدأ يتنامي متضمنا أن الجماعات التي تتأثر أكثر من غيرها بمشكلة ما بدأت تشارك بفعالية أكبر في وضع أرشادات للبحث العلمي. ومع أن الأجماع الجديد يفتقد الى رؤية واضحة في الوقت الحاضر فأن من المؤكد تقريبا أنه لن يتخذ موقفا متطرفا سواء تعلق الأمر بحماية البشر من الخضوع للتجارب بأي ثمن كان وأنتهاء بالسماح لأي شخص يرغب بالمشاركة طوعيا في التجارب الجارية.


قضايا أخلاقية

هناك عدد من العبارات الأساسية التي تصف نظام الحمايات الأخلاقية التي أستحدثتها مؤسسة البحث الأجتماعي والطبي المعاصرة بهدف توفير حماية أفضل لحقوق المشاركين بالبحث. ويتطلب مبدأ (المشاركة الطوعية) أن لايتم أكراه الناس على المشاركة بالبحث العلمي. ويتعلق هذا الأمر بشكل خاص بالوقت الذي كان فيه الباحثون في السابق يعتمدون على (الأسرى) في حقول تجاربهم في السجون والجامعات وأماكن مشابهة. ويتصل بهذا المتطلب أيضا (الموافقة السبقية) حيث يتعين أشعار المشاركين المتوقعين بالبحث بشكل لالبس فيه حول الأجراءات والمخاطر التي يتضمنها البحث، ولابد من ضمان موافقتهم على ذلك. وتتطلب المعايير الأخلاقية أيضا أن لايوضع المشاركون في مواقف يكونوا فيها عرضة للأذى نتيجة المشاركة من الناحيتين الجسدية والنفسية. في هذا الشأن هناك معياران يتم الألتزام بهما لحماية خصوصيات المشاركين بالبحث التطبيقي ، فالمعروف أن سائر أنواع البحث التطبيقي تتضمن (السرية التامة) للمشاركين حيث تتكفل الجهة ذات العلاقة بأجراء البحث بعدم أفشاء المعلومات لأي طرف ليس لديه أسهام مباشر بالدراسة. والمعيار الثاني الأكثر صرامة هو مبدأ سرية المعلومات anonymity الذي يعني في الأساس أن المعلومات المتعلقة بالشخص المشارك سوف تظل سرية أثناء الدراسة حتى للباحثين أنفسهم. ورغم أن هذا المعيار الأخير يوفر ضمانا أقوى للخصوصية فأنه يصعب في بعض الأحيان تحقيقه خاصة في تلك المواقف التي يتعين في ضوئها قياس المشاركين في أوقات مختلفة (قبل الدراسة وبعدها). وأصبح لزاما على الباحثين أن يتعاملوا على نحو متزايد مع القضية الأخلاقية ذات العلاقة ب (حق الشخص بالفضل) فالممارسة البحثية الرصينة تقتضي عموما أستخدام مجموعة ضابطة لاتخضع للعلاج أو البرنامج الذي يخضع للدراسة.
ومع وجود معاير ومباديء أخلاقية واضحة فأنه يحصل في بعض الأحيان أن يكون البحث ضد حقوق المشاركين المحتملين فلا توجد ثمة معايير يمكن أن تتنبأ بكل جانب من جوانب الظروف الأخلاقية. علاوة على ذلك تبرز الحاجة أيضا لوجود أجراء ما يضمن قيام الباحثين بدراسة سائر القضايا الأخلاقية ذات الصلة لدى وضع خطط البحث. وبهدف معالجة مثل هذه الأحتياجات قامت معظم المؤسسات والمنظمات بتشكيل (هيئة مراجعة مؤسساتية) IRB وهي مجموعة من الأشخاص الذين يتولون مهمة فحص المقترحات الخاصة بالأشكالات الأخلاقية ويقررون أتخاذ أجراءات أضافية أذا أقتضت الحاجة لضمان سلامة المشاركين وحقوقهم. كما تتعدى مهمة مثل هذه الهيئة الى حماية كل من المنظمة والباحث من أية أشكالات قانونية محتملة تترتب من جراء أهمال التعاطي مع قضايا أخلاقية مهمة ذات صلة بالمشاركين.


http://www.socialresearchmethods.net/kb/ethics.php