الطلبة المبتعثون .. يستغيثون

General discussions Concerning Iraqi Higher Education

Moderator: Al-Wahedi

Post Reply
Al-Wahedi
Site Admin
Posts: 297
Joined: Fri Nov 26, 2004 2:24 pm
Contact:

الطلبة المبتعثون .. يستغيثون

Post by Al-Wahedi »

الطلبة المبتعثون .. يستغيثون
سالم مشكور

عندما خرجت اليابان من الحرب مدمرةً، إجتمع إمبراطورها بالمستشارين وسألهم : من أين نبدأ البناء ؟ أجابوه: من التعليم وإرسال البعثات، لكن الخزينة خاوية ولا يمكننا ذلك. رد عليهم الامبراطور: نجوع من أجل ان نعلّم أبناءنا. وهكذا بدأ إرسال البعثات الى أميركا وأوروبا بأعداد كبيرة ليعودوا بشهادات عليا وخبرات بدأت تبني لتصبح اليابان كما نعرفها الان.
لم يقل الامبراطور: ما دمنا لا نملك المال فلنتخل عن خيار ارسال البعثات ونبقى على دمارنا وتخلفنا بل جعل الاولوية لهذا الامر حتى لو كان ثمنه الجوع والعوز. فهو استثمار استراتيجي يستحق تحمل الصعوبات المرحلية، لكن مسؤولينا الافاضل قلبوا المعادلة. بدأوا أول ما بدأوا بوقف البعثات، واتجهوا الى الطلبة المبتعثين الذين يواصلون الدراسة فخفضوا رواتبهم الى النصف تقريبا، ولم يكتفوا بذلك بل قاموا بإلغاء أجور التأمين الصحي وهذه تعدّ كارثة في بعض الدول. في أميركا مثلا يحتاج الانسان الى نحو الف وخمسمائة دولار شهريا لشراء بوليسة تأمين صحي لعائلة صغيرة. من أين سياتي الطالب المبتعث بهذا المبلغ إذا كانت أجور معيشته قد خفضت أساساً. أكثر من ذلك: فقد تفتق ذهن اصحاب القرار في وزارة التعليم العالي عن الغاء التمديد لسنة إضافية للطلبة الذين يدرسون في دول يزيد عدد سنوات منح الشهادة على ذلك المنصوص عليه في قانون البعثات العراقي. لحد الان كان هناك تمديد لسنة واحدة ليتسنى للطلبة إكمال دراستهم ونيل الشهادة، والا فانهم يعودون من دونها وتضيع بذلك كل الاموال التي صرفت عليهم ، ومعها تكون قد ضاعت سنوات من عمرهم من دون نتيجة. الان ألغي التمديد فماذا سيفعل الطلبة ؟
لا يمكن للطلبة، واغلبهم متزوجون ومعهم عائلاتهم، تحمل أجور الدراسة والمعيشة، وسيكونون أمام أحد خيارين: اللجوء الى الدراسة بدوام جزئي للعمل وتوفير مستلزمات عائلاتهم، والمتفوقون منهم سيقبلون بالعروض التي يتلقونها للتعاقد مع مؤسسات تضمن دفع نفقاتهم مقابل تعهد بالبقاء هناك بعد التخرج والعمل في هذه المؤسسات، وفي كلتا الحالتين سيجد الطلبة الكثير من مقومات بقائهم هناك. هنا يكون العراق خسر أبناءه وكفاءاتهم ومعهم الاموال التي صرفت عليهم. أما الخيار الثاني المتاح أمامهم فهو قطع الدراسة والعودة من دون الشهادة التي صرفت عليها مبالغ كبيرة من دون ان تتم.
مشكلة هؤلاء الطلبة انهم خارج العراق، ولا تجد قضيتهم صدى في الاعلام العراقي المنشغل بالملفات الخلافية الداخلية. يتظاهرون أمام الملحقيات، لكن بعض مسؤوليها يهددونهم بعقاب صارم بدل التعاطف معهم والسعي الى مفاتحة المركز لمساعدتهم، بل أن «ملحقة» ثقافية في دولة كبيرة هي التي بادرت باقتراح إلغاء التأمين الصحي لتظهر لوزارتها أنها توفر في المال العام.
يا سادة يا كرام: اقرأوا كيف نهضت اليابان من خرابها ، وماليزيا من تخلفها، لتعرفوا أن التعليم أولوية –كما الامن – لا تُمس، مهما انخفض سعر النفط.
Post Reply