Scientific Research in Arbic Countries

General discussions Concerning Iraqi Higher Education

Moderator: Al-Wahedi

Post Reply
Al-Wahedi
Site Admin
Posts: 297
Joined: Fri Nov 26, 2004 2:24 pm
Contact:

Scientific Research in Arbic Countries

Post by Al-Wahedi »

اراء وافكار: البحث العلمي في البلاد العربية .. حقائق وأرقام


د. عماد علو - اكاديمي
لقد أكدت أبحاث عديد من العلماء الأثر القوي للبحث العلمي على الإنتاج وعلى التطور الاقتصادي والتقدم التقني، فخلف كل مظاهر التقدم التقني والاقتصادي تكمن جهود العلماء الباحثين في مختبراتهم. فمؤسسات البحث العلمي تلعب دورا مهما في تطوير الإنشاءات، وضمان نجاح التخطيطات الاقتصادية وتصحيحها وتقييمها. كما تؤدي البحوث إلى حدوث اكتشافات علمية تؤثر في طبيعة فهم الإنسان ونظرته إلى العالم وفي كشف مناطق جديدة من المعلومات والاحتمالات التطبيقية التي تتحول إلى وسائل وأدوات تكنولوجية للإنتاج والمواصلات وغيرها.
ويلاحظ بعض الباحثين أن الحكومات في البلاد العربية لا تقر سياسات واضحة ودقيقة للبحث العلمي، ولا تحدد أهدافًا إستراتيجية على المدى القصير ولا على المدى الطويل ولا المتوسط، ولا تضم البرامج السنوية للجامعات برامج بحوث بالمفهوم العالمي إلا نادرا، وغالبا ما تكون مشاريع البحوث المنجزة من تلقاء مبادرة فردية أو مجموعات بحث صغيرة.

لقد انهمكت الحكومات العربية بعد حصول بلداننا على الاستقلال في تكوين الأطر من أطباء وحقوقيين ومدرسين ورجال إدارة؛ ليحلوا محل الأطر الاستعمارية، واستمرت هذه الوضعية ردحا من الزمن، وبعد ذلك عند دخول هذه الدول فيما يسمى بالتقويم الهيكلي الاقتصادي الذي أملاه صندوق النقد الدولي، قلة الاعتمادات المالية والنفقات الاستثمارية في التعليم وفي سائر القطاعات. فبدأت ظاهرة بطالة الخريجين التي ما زلنا نعانيها: طوابير من المتعلمين والكفاءات معطلة عن الإنتاج، لا تتاح لها فرصة القيام بدور منتج، مشلولة مهمشة، برغم الحاجة الوطنية الملحة إلى المتعلمين كافة وفي سائر التخصصات.
الإنتاجية العلمية والبحثية في البلاد العربية
من المعايير المهمة التي تساعد على إعطاء صورة عن مدى تقدم أو تخلّف البحث العلمي في البلاد العربية، نشير إلى عدد البحوث وإنتاجية الباحث. علماً أنّ الإحصاءات المتاحة في هذا المجال مازالت قليلة، فقد أظهرت إحدى الدراسات أن ما ينشر سنوياً من البحوث في البلاد العربية لا يتعدى "15" ألف بحث. ولما كان عدد أعضاء هيئة التدريس في البلاد العربية يبلغ نحو "55" ألفاً، فإنّ معدّل الإنتاجية هو في حدود "0.3" وهو وضع يرثى له من حيث الإمكانات العلمية والتكنولوجية في مجال الإنتاجية العربية، إذ يبلغ "10 % من معدلات الإنتاجية في الدول المتقدمة"(انظر مكتب التربية لدول الخليج العربي: واقع البحث العلمي فى الوطن العربي، وقائع ندوة: "تطبيق نتائج البحوث لتنمية المجتمع العربي"، مكتب التربية العربي، الرياض، 1990، ص 88) وقد أشار أنطوان زحلان إلى أنّ العلماء العرب أسهموا في الأقطار العربية بنحو ثمانية آلاف بحث علمي في عام 1996 للمجلات الدولية المحكمة(انظر أنطوان زحلان، حال العلم والتقانة في الأمة العربية، ـ في حال الأمة العربية ـ المؤتمر القومي العربي السابع"، بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، ط1، 1997: ص 365 ـ 383) وهو رقم يزيد عمّا أنتج في البرازيل،ويبلغ "60" % مما أنتج في الصين، و"50" % مما أنتج في الهند، ويزيد بنسبة "30" % عمّا نشر في كوريا الجنوبية خلال العام نفسه. في حين كان إجمالي البحوث العلمية العربية في عام 1967 "465" بحثاً، أي أن زيادة حصلت قدرها تسعة عشر ضعفاً في عدد البحوث خلال الثلاثين سنة الماضية. وعموماً يبلغ الإنتاج العلمي للوطن العربي الآن "72" % من إنتاج إسرائيل، وكان يبلغ "40" % منه في عام 1967. ومع أنَّ هذا يمثّل تحسّناً، إلا أنه جرى على مدى ثلاثين سنة تقريباً، ومثل هذا التقدّم العربي البطيء يشير إلى تعثّر واضح في هذا المجال حالياً، ورّبما كذلك بالنسبة إلى المستقبل(انظر أنطوان زحلان، العرب وتحديات العلم والتقانة: تقدم من دون تغيير بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، ط1، 1999، ص 62). وتشير بيانات "اليونسكو" إلى أنّ مؤشّر عدد العلماء والمهندسين المشتغلين في البحث العلمي، لكل مليون نسمة قد ارتفع في الوطن العربي من 124 عالماً ومهندساً لكل مليون نسمة عام 1970، إلى 363 شخصاً عام 1990. وبرغم هذا الارتفاع إلا أننا نجد أن هذا الرقم ما زال متخلّفاً مقارنة بالمناطق الدولية الأخرى (طه ألنعيمي، "البحث العلمي والتنمية المستدامة في الوطن العربي"، ـ في "مجلّة أبحاث البيئة والتنمية المستدامة"، المجلد الأول، العدد صفر، 1997، ص 12)، ويعود ذلك إلى ضعف الإمكانات البحثية وعدم تكافؤ فرص وظروف البحث بين الجامعات، فبعض الجامعات تعاني تخمة مالية بما يخصص لها من ميزانيات ضخمة لتسيير مرافقها وصيانتها، بينما تعاني جامعات في دول عربية أخرى بؤسا ماليا وقلة في المخصصات، يحول دون مواكبة التطورات التقنية ودون تغطية نفقات أبسط البحوث، أو إصدار النشرات، وهذا ما سيقودنا إلى إلقاء الضوء على موضوع الإنفاق المالي العربي على البحث العلمي.
الإنفاق العربي على البحث العلمي
ما تزال هناك فجوة كبيرة بين الأقطار العربية والمجموعة الدولية في هذا المجال. وتختلف الأقطار العربية فيما بينها من حيث حجم الإنفاق على البحث العلمي. والملاحظ أنّ نسبة الإنفاق على البحث العلمي بالنسبة إلى الناتج المحلى الإجمالي لم تتعد 0.5% في الأقطار العربية كافة لعام 1992 وهى نسبة ضئيلة عند مقارنتها بمثيلاتها في السويد وفرنسا حيث بلغت 2.9 %، و2.7 % على التوالي(نقلاً عن صحيفة "المجد" الأردنية، العدد "150"17 شوّال 1417هـ/ 24 شباط/ فبراير 1997، ص 1) وفى عام 1999 كانت نسبة الإنفاق على البحث العلمي في مصر 0.4 %، وفى الأردن 0.33%، وفى المغرب 0.2%، وفى كل من سوريا ولبنان والسعودية 0.1% من إجمالي الناتج القومي؛ وتؤكد ذلك إحصاءات اليونسكو لعام 1999. أما احصاءات سنة 2004 لنفس المنظمة العالمية.. فتقول إن الدول العربية مجتمعة خصصت للبحث العلمي ما يعادل 1.7مليار دولار فقط، أي ما نسبته 0.3 % من الناتج القومي الإجمالي. ويُعدّ القطاع الحكومي الممّول الرئيس لنظم البحث العلمي في الدول العربية، حيث يبلغ نحو 80 % من مجموع التمويل المخصّص للبحوث والتطوير مقارنة بـ3 % للقطاع الخاص و8 % من مصادر مختلفة، وذلك على عكس الدول المتقدمة وإسرائيل، حيث تراوح حصة القطاع الخاص في تمويل البحث العلمي 70 % في اليابان و52 % في إسرائيل والولايات المتحدة والدول الأخرى، وهذا يدل على قلة مساحة الاستثمار الخاص في عملية التنمية في الوطن العربي.
غياب الإستراتيجية الواضحة للبحث العلمي
تفتقر معظم البلدان العربية إلى سياسة علمية وتكنولوجية محدّدة المعالم والأهداف والوسائل! ولا يوجد حتى الآن في الوطن العربي ما يسمّى بصناعة المعلومات، ولا توجد شبكات للمعلومات وأجهزة للتنسيق بين المؤسسات والمراكز البحثية، وليس هناك صناديق متخصّصة بتمويل الأبحاث والتطوير. إضافة إلى البيروقراطية والمشكلات الإدارية والتنظيمية، وإهمال التدريب المستمر سواء على الأجهزة الجديدة، أو لاستعادة المعلومات العلمية ورفع الكفاءة البحثية. ولاشكّ أنّ بلداناً عربية عديدة لديها كل الإمكانات البشرية والبنيوية والأكاديمية للتقدم في هذا الميدان، شرط أن تمتلك الإستراتيجية الواضحة للبحث العلمي، وأن تخصّص نسبة معقولة من دخلها الوطني على الإنفاق في مجالات البحث العلمي، وأن يكون الإنفاق موجهاً بشكل خاص على البحوث القابلة للتطبيق، وإيجاد آليات تنسيق وتعاون بين رجال المال والأعمال والقطاع الخاص من جهة، ومراكز البحث العلمي والتطوير من جهة أخرى(لمزيد من الاطلاع على آراء عدد من الباحثين والمختصين في هذا المجال، انظر: تحقيق وجيه الصقار، "أبحاث لا تقبل التطبيق"، ـ في "الأهرام"، 4 أغسطس1998، ص 3) وانعكس المستوى المنخفض للدعم المالى للبحث العلمي في موازنات الدول العربية على إنتاج البحوث، التي لم تستنفد سوى 31 % من مجموع وقت عمل الباحثين كافة. علماً أن الجامعات العربية تستخدم ما يزيد على 19 % من مجموع الاختصاصيين وحملة الشهادات العليا في الدول العربية. يضاف إلى ذلك العلاقة الهزيلة أو المعدومة بين قطاع الصناعة وعالم الأعمال من جهة، ومؤسسات البحوث الجامعية وغير الجامعية من جهة أخري. مع تركيز اهتمام الأساتذة على القيام بأبحاث بهدف الحصول على الترقيات الأكاديمية، التي لا علاقة لها بأسواق العمل(عبد الحسن الحسيني، "الأبحاث في القطاعات المدنيّة الإسرائيلية والعربية"، ـ في صحيفة النهار، 23 سبتمبر/ 1999، ص 12).
الإنفاق على البحث العلمي في إسرائيل
لابد لنا من إلقاء نظرة متأنية على ما يجري في قطاع البحث العلمي في إسرائيل ومراقبة التطور المذهل لصناعة التكنولوجيا العالية هناك، واستغلال إسرائيل، وعملها المتنامي على توسيع أسواق لمنتجاتها وجذب رؤوس أمول أجنبية، وذلك لكي نعي أي تحد سوف يواجهه العرب في حال نجاح عملية السلام مع إسرائيل وفق أجندة مؤتمر انابوليس الأخير. فالمواجهة العلمية- الاقتصادية لزمن السلم ربما قد تكون أصعب بكثير من المواجهة في زمن الحرب! حيث يصل الإنفاق على البحث العلمي في إسرائيل (ما عدا العسكري) قرابة 9.8 مليار شيكل، أي ما يوازي 2.6 من حجم إجمالي الناتج الوطني في عام 1999م، و في عام 2004م وصلت نسبة الإنفاق على البحث العلمي في إسرائيل إلى 4.7 من ناتجها القومي الإجمالي(عن موقع مؤسسة تنمية، www.tanmina.ma.com، بتاريخ 5/8/2005م) علمًا بأن معدل ما تصرفه حكومة إسرائيل على البحث والتطوير المدني في مؤسسات التعليم العالي ما يوازي 30.6 من الموازنة الحكومية المخصصة للتعليم العالي بكامله، ويصرف الباقي على التمويل الخاص بالرواتب، والمنشآت، والصيانة، والتجهيزات... على العكس تمامًا ما يحدث في البلدان العربية، إذ أغلب الموازنة المخصصة للبحث العلمي تصرف على الرواتب والمكافآت والبدلات وغيرها. والجدير بالذكر أن المؤسسات التجارية والصناعية في إسرائيل تنفق ضعفي ما تنفقه الحكومية الإسرائيلية على التعليم العالي.
الخلاصة
بالرغم من الموارد المتنوعة والكثيرة في الوطن العربي التي يمكن استثمارها في مجال البحث العلمي فقد أصبح وجود اثنين وعشرين بلداً عربياً يعنى أن هناك اثنين وعشرين حاجزاً أمام انتشار أي تقدم علمي قد يحقق في أحد هذه البلدان إلى بلدان أخرى. والمشكلة حتى أكثر خطورة من ذلك، فغالباً لا يجد الباحث طرقاً مناسبة لنشر نتيجة ما توصل إليه حتى في قطره، أو القطر الذي أجرى فيه بحثه. فإلى جانب الأرقام غير المشرّفة التي ذكرناها في البحث والتي تؤشر واقع ومعوقات البحث العلمي في الوطن العربي.. فإن الوطن العربي ليست فيه قاعدة بيانات عربية عن النشاط العلمي الجاري، وليست هناك قاعدة بيانات عن هذه المعاهد أو المراكز والهيئات التي تجري البحث العلمي، وليست هناك وسائل مناسبة أو متوفرة بيسر لنشر النتائج التي يتوصل إليها العلماء أو نشر خبراتهم وليست هناك وسائل مباشرة وفعّالة لنقل الخبرة إلى المؤسّسات الصناعية العربية، أو مكاتب الاستشارات، أو شركات المقاولات العربية، وحتى المؤتمرات والندوات وورش العمل قد تعقدها بعض الجامعات ومراكز البحوث في الوطن العربي دون أن يعلم بها الغالبية العظمى من العلماء والباحثين والتدريسيين. إن الجامعات والمؤسسات البحثية في الوطن العربي مدعوة اليوم أكثر من أي وقت مضى للإسهام في حل المشاكل الصناعية والتكنولوجية والاجتماعية المزمنة أو الطارئة والتي تشكل عقبات رئيسية في سبيل تطور المجتمع العربي وبعبارة أخرى تحويل المعارف والعلوم المكتسبة إلى مردودات علمية ذات قيمة حقيقية من خلال التفاعل الإيجابي الواعي والانخراط في الحياة الصناعية والعلمية بحيث تصبح المؤسسات البحثية مؤهلة لمعرفة تفاصيل مشاكل المجتمع الصناعية والزراعية والاجتماعية ولا يأتي ذلك إلا من خلال وضع استراتيجيات طويلة المدى لبرامج التعليم و مخرجات البحث العلمي اضافة إلى توفير الدعم المالي الطويل الأمد لمراكز البحث العلمي في الجامعات والمعاهد العربية القائمة وإنشاء معاهد ومراكز جديدة حيث تدعو الحاجة إلى ذلك حتى في مجال العلوم الإنسانية والاجتماعية. ومن الضروري أيضا" توثيق وتطوير التعاون العلمي القائم بين مراكز البحث العلمي في البلاد العربية والدول الأوروبية على أسس من الاحترام المتبادل والمنفعة المشتركة.
Post Reply